بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 31 ديسمبر 2010

مصافحة أولى : الموافقات بين عباد القبور


بسم الله الرحمن الرحيم


مصافحة أولى : الموافقات بين عباد القبور 


تنبيه : هذا المقال يحتاج منك إلى قراءة مركزة لمدة 10 دقائق فقط
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وأستنّ بسنته إلى يوم الدين .. أما بعد :
دعونا نبدأ القصة من البداية 
فهذا رجل صالح عند قومه كان يسمى اللّات ، كان يلتّ السويق للحجاج قبل الإسلام فلما مات وضع محبوه صنما يكون له شعارا كهذا الذي ترونه ــ مثلا ــ وسموه باسمه.




و هذا أيضا صحابي جليل معروف يسمى الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما قُتل شهيدا على أيدي شيعته في كربلاء فوضعوا على قبره ــ كما يزعمون ــ ضريحا كهذا.


وأيضا هذا رجل صالح معروف بعلمه وصلاحه اسمه عبدالقادر الجيلاني مات فوضع محبوه على قبره ضريحا كهذا.




من هنا ، دعونا نمضي سويا إلى الهدف المنشود
فنرى أولا أن هناك توافقا ملموسا في أن كلا من الأمثلة الثلاثة تعبّر عن رجال صالحين عند قومهم ، عندما ماتوا وضع محبوهم لهم شعارات تدل عليهم إما صنما أو ضريحا أو بناء أو غير ذلك.


....................
أيضا الثلاثة يعتقد فيهم مريدوهم أنهم رجال صالحون.
....................
اللّات مثلا
بعد ما مات شيّد محبوه له صنما يكون له شعارا ، أصبحوا يأتون إليه ويدعونه ويحلفون به ، كأن يقول أحدهم يا لات أغثني ، أو يا لات أدركني ، أو مدد يا لات ، أو يُقسمون به فيقولون واللات أو باللات.
وكذلك نجد الذين يذهبون إلى ضريح الحسين رضي الله تعالى عنه أو إلى ضريح الجيلاني رحمه الله تعالى يدعونهما بأسمائهما فيقولون يا حسين أدركني يا جيلاني أغثني مدد يا حسين مدد يا جيلاني ، و يُقسمون بهم فيقولون والحسين أو ورأس الحسين ، أو وسيدي عبد القادر.
....................
أيضا نجد أن مشركي العرب كانوا ينذرون ويذبحون للّات ، وكذلك نجد الذين يذهبون إلى ضريح الحسين أو إلى ضريح الجيلاني يذبحون وينذرون لهم.
....................
سبحان الله .. ما سر هذا التوافق؟
....................
الغريب في الأمر
أن مشركي العرب الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقرّون أن الله تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت الذي يدبر الأمر مع أنهم كانوا يعبدون اللات ويدعونه من دون الله ويذبحون له القرابين ولكنّهم كانوا يقولون إنا لا نفعل هذه الأفعال التعبدية إلا لعلّه ، وهي أنا نجعل هذا الصنم الذي يمثل الرجل الصالح واسطة بيننا وبين الله يقربنا إليه وأنّا لا نريد من ذلك إلا الجاه والشفاعة ، كما قال الله تعالى عنهم (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ).
لاحظ أنه سمى الأفعال التي يقومون بها للأصنام من الدعاء والنذر والذبح عبادة ولاحظ أيضا أنهم أرادوا بهذه الأعمال الجاه والشفاعة عند الله و لم يريدوها للأصنام.
كما أن الذين يذهبون إلى الحسين و الجيلاني يعتقدون أيضا أن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر و يفعلون نفس أفاعيل من يذهبون إلى اللات مع الحسين والجيلاني ولا يريدون من ذلك أيضا إلا الجاه والشفاعة.
فيا ترى ما الفرق بين من يدعو اللات ومن يدعو الحسين والجيلاني ؟
....................
فإن قلت لي ؟
يا أخي من أين أتيت بهذه الفرية العظيمة ، كفار قريش الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانوا يعتقدون أن الله تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت وهو الذي يدبر الأمر ، وأنهم يقولون أنّا لا نعبد الأصنام إلا لتقربنا إلى الله.
قلت لك : 
على رسلك ، فلم آت بشيء من عندي ، تأمل قول الله تبارك تعالى عنهم : 
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ).
وقوله تعالى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) فذكر الله سبحانه وتعالى عنهم أنهم يعتقدون أن الله تعالى هو الخالق الرازق وأنهم لا يريدون بعبادتهم الأصنام إلا أن تقربهم إلى الله تعالى زلفى.
....................
يا ترى ما سر هذا التوافق ؟
كيف يقاتل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مشركي العرب وهم يعتقدون أن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر وأنهم لا يسألون اللات إلا لطلب الجاه والشفاعة عند الله ؟
وكذلك هم الذين يذهبون إلى ضريح الحسين أو إلى ضريح الجيلاني يعتقدون أن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر وأنهم إنما يسألونهم ويذبحون لهم وينذرون لهم لطلب الجاه والشفاعة عند الله ، فهل يُعقل أن يكون الدعاء والذبح والنذر للحسين و الجيلاني جائزا والدعاء والذبح والنذر للات شركا ؟


ولكن قد يقول قائل : أيه الوهابي ، ألا تعلم أن مشركي العرب كانوا ينادون الأصنام وهي حجارة ونحن ننادي رجالا صالحين.
قلت :
لهذا أتيت باللات مثالا فهو عند مشركي العرب رجل صالح يلتُّ السويق للحجاج فلما مات وضعوا له صنما ليكون شعارا له يدعونه عنده ويذبحون له وينذرون ، وكذلك أنتم وضعتم للحسين والجيلاني أضرحة تكون شعارا لهم تدعونهم عندها وتذبحون لهم وتنذرون. 
كما أن الأصنام التي كانت في عهد نوح عليه السلام هي لرجال صالحين أيضا ، ودا وسواعا ويغوث ويعوق نسرا ، بدليل ما ورد عند البخاري رحمه الله تعالى (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صَارَتْ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَإٍ وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ)
إذاً هؤلاء رجال صالحون ماتوا فوُضعت الأصنام شعارا لهم ، وهؤلاء أيضا رجال صالحون ماتوا فوضعت الأضرحة شعارا لهم فأين الاختلاف ؟
....................
قد يقول قائل
هل أنت مجنون ، كيف تسوينا بمشركي العرب في كل ما سبق ، نحن إذا دعونا الحسين أو الجيلاني فإنا لا نريد منهم ولكننا نريد من الله ولكننا نجعلهم شفعاء لنا عند الله ، أما مشركي العرب فهم يدعون الأصنام ويريدون منهم !!
قلت : 
بل هم يريدون من الله أيضا لا من أصنامهم كما قال الله تعالى عنهم (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) فهم في الأصل يريدون القرب من الله بنص القرآن كما ترى.


وقوله تعالى (وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ).
فأين الفرق قلي بربك ، بين من يقول يا لات أغثني ومن يقول يا حسين أغثني ويا جيلاني أغثني ؟؟؟ 
....................
فإن قال لي صوفي أو رافضي ، نحن (مسلمون) نقول لا اله إلا الله ، و مشركوا العرب لا يقولون لا اله إلا الله ولا يعترفون بها فكيف نكون وهم سواء ؟
قلت : هذا صحيح
هم لا يقولونها ؛ لأنهم أفقه منكم بمرادها ، وسأخبرك لماذا هم افقه منكم بمرادها بعد قليل.
ولكن دعني أتفق أنا وإياك أولا على معنى لا اله إلا الله ، هل معناها : لا خالق ولا رازق ولا مدبر بحق إلا الله. 
فإن قلت لي : نعم هذا هو معنى لا اله إلا الله
قلت لك :
يرد على هذا المعنى إشكال ، وهو أن هذا المعنى لم ينكره مشركوا العرب بل هم مقرّون به أفضل من بعض من ينتسب للإسلام اليوم فهم يقولون كما قال الله تعالى عنهم : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) ويقول في آية أخرى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) وفي آية أخرى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ).
إذا أصبح هنا توافق آخر وهو أن مشركي العرب مقرّين غير جاحدين بالمعنى الذي تعتقدونه للا اله إلا الله ، وعلى هذا فلا يمكن أن يكون هذا معنى لا اله إلا الله الذي يريده الله تعالى من الناس ، وإلا لما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم مشركي العرب فالمعنى الذي تعتقدونه للا اله إلا الله لا ينفعكم كما أنه لم ينفع مشركي العرب.
إذا طالما أن قولنا بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر ليس معنى لا اله إلا الله المراد ، فلا بد أنه ذلك المعنى الذي أنكر الله تعالى فعله على المشركين وسماه شركا وهو دعاء الأصنام و الذبح لها و النذر لها و الخوف منها و القسم بها و كل ما يطلق عليه مسمى عبادة مع العلم أنهم يريدون بعبادتهم للأصنام طلب الجاه والشفاعة كما قررنا آنفا. 
وهو ذات المعنى أيضا الذي نُنْكِرُهُ اليوم على من يذهبون إلى ضريح الحسين و الجيلاني والأفعال التي يفعلونها عند ضريحهما هي نفس أفعال مشركي العرب عند أصنامهم ، مع أنهم يعتقدون أن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر وأن الحسين و الجيلاني لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ، ولكنهم يدعونهم وينذرون لهم لطب الجاه والشفاعة. 
فسمى الله تعالى الأول مع مشركي العرب شركا ، أفلا يكون الثاني شركا وهو مطابق للأول تماما من كل الوجوه ؟
....................
أما لماذا مشركي العرب افقه بمعنى لا اله إلا الله ممن ينذرون ويذبحون; للحسين والجيلاني ، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى لا اله إلا الله فقال لهم (قولوا لا اله إلا الله تفلحوا) فأبوا وعاندوا وقالوا كما قال الله تعالى عنهم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) فعلموا أنهم لو أقرّوا بمعنى لا اله إلا الله الصحيح أنه لا يجوز لهم أبداً أن يدعوا أو ينذروا أو يذبحوا أو يصرفوا أي نوع من أنواع العبادة لغير الله كما يفعلون مع اللات والعُزّى لذلك لم يعترفوا بها.
بينما بعض من ينتسب للإسلام اليوم لا يفتر لسانه من ذكر لا اله إلا الله ومع ذلك فهو لا يفهم معناها الصحيح كما فهمه مشركوا العرب ، لذا تجده يذهب إلى قبر الولي الفلاني فيدعوه من دون الله وتجده يذبح للولي الفلاني وينذر لآخر ، فمن هنا علمنا أن مشركي العرب أفقه بمعنى لا اله إلا الله من بعض من ينتسب للإسلام اليوم. 
....................






فإن قال لي قائل : الدعاء الذي ندعوه للحسين والجيلاني ليس بعبادة.
قلت له :
بل إن الدعاء عباده أمرنا الله تعالى بها في كتابه فقال (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) وقال (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) بل هو أخص أنواع العبادة فقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة). 
وأنت قد علمت أن العبادات عمل محض لله إذا صرفت شيئا منها لغير الله تعالى أصحبت مشركا ، كما أنك لو ذبحت لغير الله للجن أو لأصحاب القبور أشركت ، لأن الله تعالى يقول (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) والنسك المقصود به الذبح فكذلك الدعاء لو صرفت منه شيء لغير الله أصبحت مشركا. 
إذا عرفت الآن أن الدعاء عبادة وكذلك الذبح فقس عليهما جميع أنواع العبادات ، كلها لا يجوز صرفها إلا لله تعالى ، فإذا صرفت جزء منها لغير الله تعالى أصبحت مشركا بالله تعالى بصرفك هذا الجزء لمن لا يستحقه ، وبهذا يتضح لك المعنى الحقيقي للا إله إلا الله وهو : لا معبود يستحق العبادة إلا الله.
فإذا علمت هذا ، عرفت أن ذهابك إلى قبر الحسين أو قبر الجيلاني لدعائهم أو الذبح لهم أو النذر لهم أو غير ذلك من العبادات هو شرك بالله تعالى لأن هذه الأعمال خاصة بالله سبحانه وتعالى وقد توعد الله تعالى من أشرك به ومات على شركه بعدم مغفرة ذنبه وأنه خالد مخلد في النار كما قال تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) فالأمر خطير .. خطير جدا 
وقال سبحانه (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)
فإذا كنت تعتقد أن الشرك لا يكون إلا في أفعال الرب كالخلق والرزق والتدبير فقد علمت أن مشركي العرب لم يكن شركهم الذي كفّرهم الله تعالى به من هذا القبيل بل لا تكاد تجد إنسانا يقول أن أحدا يخلق مع الله أو يرزق مع الله أو غير ذلك من أفعال الله سبحانه وتعالى ، عرفت بعد ذلك حق المعرفة أن الشرك لا بد أن يكون في غير أفعال الرب أيضا.




فإن قلت لي فيم يكون الشرك أيضا ؟
قلت لك إن الشرك يكون في العمل الذي أنكره الله تعالى على مشركي العرب وسماهم به مشركين وهو الشرك في أفعال العباد كالصلاة والدعاء والنذر والخوف والمحبة والرجاء والاستغاثة وغيرها من العبادات.
....................
ثم تأمل 
أنه لو كان معنى لا اله إلا الله هو لا خالق ولا رازق ولا مدبر بحق إلا الله لما كان في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم فائدة للعرب إذ هم مقرون بهذا المعنى ولكن لمّا كان المعنى الصحيح للا إله إلا الله هو : لا معبود بحق إلا الله عرفت أن العبادات التي صرفها العرب لغير الله مثل الخوف والرجاء والمحبة والنذر والاستغاثة والذبح وغيرها من العبادات لأصنامهم مثل اللّات و العزّى أصبحوا بهذا الفعل مشركين مستحقين لمقت الله وعذابه مع أنهم لم يصرفوها لهم إلا لطلب الجاه والشفاعة.
وعرفت أيضا أن الله تعالى أرسل نبيه صلى الله عليه وسلم لتصحيح هذه العبادات بصرفها إلى الله تعالى مباشرة دون أن يجعلوا بينهم وبين الله وسطاء. 
....................
فقل معي لا اله الا الله مخلصا من قلبك تائبا إلى الله تعالى فمن قالها مخلصا من قلبه عاملا بمقتضاها محققا لشروطها دخل بإذن الله تعالى الجنة وحرّمه الله تعالى على النار كما قال صلى الله عليه وسلم( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )
ابدأ حياتك من جديد مع الله سبحانه وتعالى ، لا تدعو غيره ، ولا تذبح لغيره ، ولا تنذر لغيره ولا تُقسم بغيره ولا تصرف أي عبادة لغير الله سبحانه وتعالى.
فكيف تذهب إلى أصحاب القبور وتسألهم أن يشفعوا لك عند الله تعالى وهم محتاجين إلى الله تعالى مثلك ألسنا نذهب إلى البقيع الذي فيه قبور كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم وندعوا لهم كما كان النبي صلى الله تعالى يدعوا لهم بقوله (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية)
انتبه ... نحن نسأل الله تعالى لهم العافية فهم محتاجون للعافية من الله تعالى كما أننا محتاجون لها من الله تعالى ، أفندع من يملك العافية ونسألها ممن هو محتاج لها ؟ 
ومثله لو قلت لي إن الله تعالى يقول عن الشهداء أنهم (أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) لذا فأنا أسألهم ليكونوا واسطة بيني وبين الله تعالى.
فأقول لك : هل تأملت أن الله تعالى يقول عنهم (يُرْزَقُونَ) ولم يقل (يَرْزَقُونَ) أي أنهم محتاجين إلى الله تعالى لأن يرزقهم كما أنك أنت محتاج له فلماذا لا تدعو الله تعالى الذي يملك الرزق وتدع من يحتاج مثلك إلى الرزق.
أخيرا أذكرك بقول الله تبارك وتعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) أفتترك القريب المجيب وتدعو البشر المحتاج إلى الله ؟
وقوله تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ) فإن قلت لي إن الحسين والجيلاني يجيبون المضطر إذا دعاهم بأن يشفعوا له عند الله !!
أكملت لك الجزء المتبقي من الآية وقلت لك :(أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) فكن من الله تعالى قريب وأبدأ حياتك مع الله من جديد.
أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياك الإخلاص في العبادة وأن يجعلنا من الموحدين الصادقين وممن سار على نهج سيد المرسلين إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


....................
كتبه الفقير إلى عفو ربه
محمد ابن الشيبه الشهري
alfqir-ela-allah@hotmail.com
__________________
مدونتي 


http://alkramh.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق