بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

ساحل العاج.. الإسلام والغرب والكاكاو


ساحل العاج.. الإسلام والغرب والكاكاو!!
موقع المسلم  | 21/1/1432 هـ
  
لوران جباجبو نموذج للطواغيت المتجبرين المتسلطين على رقاب شعوبهم بالقتل والتعذيب والتهجير.حتى إذا اضطرتهم نقمة الناس وتمردهم إلى الرضوخ للمطالب القوية بمشاركة شرائح المجتمع في إدارة شؤون البلاد،فإنهم يتظاهرون بالاستجابة على أمل الانقلاب على الوعود والنكث بالعهود في أول فرصة تسنح لهم لكي يحتفظوا بالكرسي تحت شعار: إما القصر وإما القبر.ولعل رهانهم على الزمن يعيد إنتاج قصة جحا الذي تعهد لتيمورلنك  بتعليم حماره القراءة والكتابة خلال ثلاث سنوات،فعندما لامه الناس على وعده المستحيل قال: خلال المهلة يموت تيمورلنك أو أنا أو الحمار!!

فالديكتاتور جباجبو نزل عن طغيانه نتيجة حرب أهلية قريبة العهد،فتعهد بأن  يشرك القوى الأخرى في السلطة وبخاصة الأكثرية المسلمة المهمشة في شمال البلاد.ولما حان أجل الانتخابات تلاعب بمواعيد تنظيمها وقام بتأجيلها ست مرات لا غير،ولم ينظمها إلا مكرهاً.ولما فشل في  تزوير مجرياتها عمد إلى تزوير النتيجة فقط،إذ رفض الإقرار بالنتائج الرسمية من الجهة المختصة وخلاصتها الجلية أن منافسه الحسن وتارة هو الذي فاز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
لم يأبه المستبد بأصوات معارضيه في الداخل والخارج،بمن فيهم الفرنسيون والأمريكيون والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.فالمهم عنده-على غرار سائر الطغاة-أن قوى البطش تؤيده فهو يمسك بالجيش وأجهزة القمع،فلِمَ يكترث بالبُعْد الأخلاقي  الذي يراه مجرد زائدة دودية ملتهبة يجب استئصالها عاجلاً؟!

وإذا كان تعنت الطاغية وتشبثه بكرسي السلطة بالقوة العارية أمراً طبيعياً من أمثاله،فإن الإنصاف يقتضينا أن نعترف بأن موقف الغرب عسير على الفهم،في ظل الانحياز الصليبي النمطي ضد المسلمين في كل مكان،وبخاصة في الدول الإفريقية حيث تعمد الغرب لدى رحيل عساكره عنها إلى تسليم مقدرات السلطة السياسية والاقتصادية إلى عملائه من أبناء الأقليات  المتنصرة(سنجور في السنجال ونيريري في تنزانيا...).ولم يكن لساحل العاج(كوت دافور  بالفرنسية التي هي اللغة الرسمية للبلد)لم يكن لها أن تشذ عن القاعدة الصليبية المتدثرة بعباءة علمانية ثبت زيفها وكذبها في جميع المواقف المصيرية والقضايا الحساسة والمفاصل الحاسمة.

فالاستعمار الفرنسي الذي غادر ساحل العاج في عام1960م،سلّم الجمل بما حمل إلى عميله هوفيه بوانييه-صانع "الاستقلال" على طريقة بورقيبة الذي سماه الفرنسيون:المجاهد الأكبر!!-.فهذا الدمية النصراني المتطرف حكم بالتعسف بلداً يعتنق 65% من أبنائه الدين الإسلامي،بالرغم من امتداد الاحتلال الفرنسي الاستيطاني عقوداً طويلة من الزمن،رعى خلالها عمليات تنصير المسلمين وكانوا الأكثرية الساحقة،ولم يكن في ساحل العاج سوى قلة وثنية بدائية لا يتجاوز تعدادها نسبة 9% من السكان.أما النصرانية الغازية فوفدت مع حراب الغزاة وأموالهم واستغلالهم فقر السكان  وجهلهم.وكان التنصير موجها ضد الإسلام وليس ضد الوثنية !!

بل إن الغاصب الصليبي "العلماني جداً" استقطب أبناء القبائل المسيحية والوثنية وأوفدهم لاستكمال تعليمهم في فرنسا، ليعودوا فيحتكروا المناصب الكبرى بل حتى الوظائف العادية في البلاد مع حرمان المسلمين منها، وكانت باريس-عاصمة النور عند عميان البصيرة وعبيد التغريب- تكافئ كل من يرتد عن الإسلام بمنحه الجنسية الفرنسية!!

وقد سعى بوانييه (طاغية ساحل العاج الأول  منذ الاستقلال وعلى مدى33عاماً حتى هلاكه في عام 1993م) سعى إلى تكريس هذا التمييز ضد المسلمين، وبلغت به الوقاحة أن  أقسم أمام بابا الفاتيكان على جعل ساحل العاج صليبية100% ....كما أعلن يوم الأحد وأيام الأعياد الكاثوليكية عطلات رسمية، ورفض الاعتراف بعطلة الجمعة والأعياد الإسلامية!!وظل هذا الاضطهاد الديني قائماً أثناء حكم خلفائه:  " كونان بيديه" و" روبرت جيه" والرئيس المتشبث برئاسة خسرها في انتخابات أشرف عليها بنفسه " لوران جباجبو".
إن تاريخ الغرب الأسود بعامة ومع المسلمين بعامة لا يتيح لنا ترف إحسان الظن بموقفه الأخير،الذي يبدو انحيازاً للديموقراطية بالرغم من أنها أتت بأول  رئيس مسلم لبلد أكثر مواطنيه مسلمون.فهل كاكاو الشمال المسلم ويقظة أهله مؤخراً هما معاً السبب الحقيقي لدموع  التماسيح الغربية على اغتصاب  جباجبو منصب الرئاسة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق